خمس تجارب وأفلام وثائقية ستُغيّر مفهومك عن البشرية
بعض الأفلام الوثائقية
فيها من الواقعية ما هو مُرعب لكل إنسان. وهناك تجارب شنيعة ولا إنسانية أجراها
بعض الباحثين وعلماء النفس على متطوعيها ولكنّها برغم ما عرضت لنا من بشاعات فهي أعطتنا
الفرصة لنُدرك أنه يصعُب الوثوق في الإنسان تحت ظروف معينه وضغط معين. وهناك أيضًا
أفلام أدركنا من خلالها أن الجنس البشريّ ما هو إلا عنصر من عناصر هذه الحياة،
فلِم التكبّر ؟
هذه القائمة، رغم صغرها، تحوي بعضًا من
أقوى وأكثر الأفلام والتجارب تأثيرًا على البشرية.
5- تجربة
سجن ستانفورد
لعّلها
الأشهر لدى كل من يدرس علم النفس
الاجتماعي خاصة وكل من هو مُهتم بعلم النفس والأفلام الوثائقية المجنونة عامة. أراد
عالم النفس الأمريكي فيليب زيمباردو محاكاة السجن ليعرف تفسيرًا للصراعات التي
تحدث في السجون. قسّم زيمباردو المتطوعين لحرّاس ومساجين.
وقبل
التجربة، قام زيمباردو بإعطاء الحرّاس بعض التوجيهات التي كان ملخصها عدم استخدام
العنف الجسدي، ثم قال لهم ما يأتي:
« يمكنكم
أن تولدوا إحساسًا بالخمول لدى السجناء، ودرجة ما من الخوف، من الممكن أن توحوا بشيء
من التعسف يجعلهم يشعرون بأنكم وبأن النظام وبأننا جميعاً نسيطر على حياتهم، سوف لن
تكون لهم خصوصيات ولا خلوات. سنسلبهم من شخصياتهم وفرديتهم بمختلف الطرق. بالنتيجة
سيقود كل هذا إلى شعور بفقدان السيطرة من طرفهم. بهذا الشكل سوف تكون لنا السلطة المطلقة
ولن تكون لهم أي سلطة».
اعتُقل
المساجين بعدئذٍ عن طريق قسم شرطة حقيقي كان جزءًا من التجربة وأهينوا ونفذت
جميع إجراءات الاعتقال عليهم. وبعد انتقالهم إلى السجن فُتّشوا عُراة ومُنحوا
هويات جديدة.
في أول
يومٍ للتجربة لم يحدث شيء يُذكر، كان كل شيءٍ شبه طبيعي. ثم ما أن بدأ اليوم
الثاني حتى بدأ العصيان من قبل بعض المساجين، وبدأ الحراس في اتباع أساليبهم
الخاصة في محاربة هذا العصيان.
بدأ
الحرّاس اتباع أساليب قاسية على المساجين، كالزنازين وإجبارهم على النوم عراة على
الأرض وحرمانهم من الطعام. وعلى الرغم من وجود حراس من النوع قاسي القلب، كان هناك
من الحراس من كانوا متعاطفين مع المساجين.
توقّفت
التجربة في اليوم السادس بعد أن كان من المقرر استمرارها مدة أسبوعين، لشدّة
القسوة والاضطهاد التي عمّت المكان ولخروج الأمر عن السيطرة بعد أن نسي الجميع أن
كل هذا ليس حقيقيًا.
فلنأمل
ألا يفقد كل من يشاهد هذه التجربة إيمانه في البشرية.
4- تجربة
حلوى الخطمي
وهي
تجربة قصيرة جدًا وممتعة جدًا أُجريت على مجموعة من الأطفال لمعرفة مستوى تحكمهم
في رغباتهم من خلال إعطائهم قطعة من حلوى الخطمي. وُضعت الحلوى أمام الأطفال
وتُركوا وحدهم في غرفة وتم مراقبتهم عبر كاميرات، ومقابل الانتظار ذكرت لهم معلمة أنه بإمكانهم تناول هذه الحلوى الآن
أو الانتظار قليلًا حتى تأتي بواحدة أخرى. جميعنا يعلم بالطبع أن نسبة تحكم
الأطفال في المُغريات من الحلوى ضعيفة جدًا، ولكن أغلب الأطفال لم يتناول الحلوى
مباشرة، بل انتظروا فترة حتى فاض بهم، وهو ما يدلّ على أن الأمر ليس بمستحيل.
ومع هذا،
فقد اتّضح من خلال الدراسات بعد ذلك أن الأطفال الذين استطاعوا ضبط النفس أثناء
التجربة كانوا بعد التجربة وعلى مدار الأعوام أكثر مقاومة للمخدرات، عكس الأطفال
الآخرين.
لذا فإن
تعليم الأطفال من سنّ مبكرة هو أمر في غايةالأهمية وكثير من الآباء يجهلون أثر
التربية المبكرة وزرع مبادئ وأخلاق وانضباطات نفسية معينة لدى الأطفال.
3- عوالم
غير مرئية
هذا
الفيلم الوثائقي مختلفٌ قليلًا عما قبله.، فهو يستخدم كاميرات عالية السرعة ليرينا
الأشياء وهي تحدث بسرعة لم نعتدها من قبل. فيتيح لنا أن نُدرك أن الإنسان ما هو
إلا كائنٌ من كائنات هذه الأرض وهناك ما هو حيوي لهذا الكوكب ولكننا لا نُدركه
أبدًا بالعين المجردة.
ماذا لو
قلت لكم أن هذا الفيلم سيريكم ما لن تروه بالعين المجردة مُكبّرًا عشرات المرات؟
وماذا لو تسنّى لنا أن نرى الأشياء بسرعة أقل أضعافًا مضاعفة عن سرعتها
الطبيعية التي، أيضًا، لا تستوعبها أعيننا وتحدث في غمضة عين؟
يستوعب
الدماغ البشري الأشياء بعد حوالي 150 ميلي ثانية، وتحدث غمضة العين الواحدة في حوالي
50 ميلي ثانية، بينما تحدث مئات الأشياء في الميلي ثانية الواحدة.
يرينا
هذا الفيلم الوثائقي مسار الصواعق وكيف تصل إلى الأرض كأنها شجرة جذورها مرئية لنا
تحت الأرض. كما يرينا ظاهرة غريبة في صواعق تصعد لأعلى ويعطينا أسبابًا مدهشة لها.
كل هذا بكاميرات تبطئ السرعة عشرات المرات حتى نتمكن من رؤية الأشياء بوضوح تام.
أعتقد أن
الجزء المُفضّل بالنسبة لي في هذا الفيلم هو في التجربة الثانية، عندما يريك بعض
الباحثين موجة الصدمة بالعين المُجردة وبكاميرا أبطأت لنا السرعة أكثر من مئة مرة.
تُجهَز مادة متفجرة من البارود ويقوم الباحثون بتفجيرها ثم تصوير شكل الانفجار.
هنا تريك الكاميرا موجة الصدمة بعد أن ينفجر البارود في ألف من الثانية ويتحول في
مليون من الثانية من مادة صلبة إلى مادة غازية. يتّضح بعد ذلك كيف أن موجة الصدمات
هي ما يُحدث الكوارث في أي انفجار، وليس الانفجار نفسه.
تأكد
بنفسك حين ترى كيف تبدو.
2-تجربة
العين الزرقاء-العين البنية
هذه
التجربة من التجارب التي تُطبع في ذاكرة الأطفال ولا ينسوها أبدًا. حدثت بعد
اغتيال الزعيم الأمريكي مارتن لوثر كينج عندما شعرت معلّمة لأطفال في الصف الثالت
بأهمية إعطائهم درسًا لا ينسوه عن العنصرية.
أجرت
المعلّمة لطلّابها اختبارًا أو لعبة قسّمت فيها الصف لمجموعتين: مجموعة أطفال ذوي
عيون زرقاء ومجموعة ذوي عيون بنيّة. وعلى مدار اللعبة، أعطت المعلمة مميزات
للأطفال ذوي العيون الزرقاء في يوم ثم للأطفال ذوي العيون البنية في يوم آخر ، كأن
تسمح للمجموعة الأولى بأن تلعب خمس دقائق إضافية بعد وقت الاستراحة. كما أحضرت
للمجموعة الأخرى ياقاتٍ باللون البنيّ وطلبت من ذوي العيون الزرقاء لفّها حول رقاب
المجموعة الأخرى. ثم بدأت تزرع فيهم أفكاراً عن أن مجموعة ذوي العيون الزرقاء هي
الأذكى والأفضل ولها مميزات أكثر.
بدأ بعض الأطفال في مقاومة هذا المبدأ ولكنهم سرعان ما
رضخوا لأن المجموعة الأخرى هي الأفضل وتوقفوا عن الجدال. والمثير في الأمر أن
الجميع ينسى أنها مجرد لعبة، حتى عندما طبّقت المعلمة بعد ذلك التجربة على راشدين كان
ردّ الفعل مشابهًا.
أجمل ما في التجربة أنها كانت واقعية جدًا وأنها جعلت الجميع
يُدرك حقًا كيف تشعر الأقليات في المجتمعات الأخرى. وما هو أجمل من هذا كيف أنه في
نهاية الفيلم يعرض لنا انسجام الأطفال، وهم وقتئذٍ أصبحوا راشدين، مع بعضهم البعض
بعد أكثر من 15 عامًا، وكيف كان لهذه التجربة أثر في صداقاتهم وفهمهم لأهمية هذه
القضية في مجتمعاتهم.
1-تجربة سولومان آش حول التوافقية الاجتماعية
قد
يبدو رأي من حولك غير مؤثرٍ عليك في
البداية، ولكن عندما تصبح أنت الوحيد في مجموعة ما برأي مختلف عن الجميع فإنك قد
تتراجع قليلًا أو ترضخ لرأي الآخرين لسبب ما. ما هو هذا السبب؟ وما هي نسبة تراجعك
أو رضوخك لرأي المجموعة حتى وإن كنت تعلم داخليًا أن هذا الرأي خاطئٌ تمامًا؟ هذا
هو ما حاول الباحث سولومان آش اكتشافه أثناء تجربته حول التوافقية الاجتماعية.
قام آش
بعرض ثلاثة خطوط مستقيمة على جانب وخط واحد على جانب آخر، وطُلب من مجموعة أشخاص
أن يختاروا من بين الثلاثة خطوط الخط الذي يساوي طوله طول الخط المنفرد. اختار آش
مشاركًا وحيدًا حقيقيًا في التجربة، ولكنه تركه يعتقد أن الآخرون مثله تمامًا، إلا
أنهم لم يكونوا كذلك. وطُلب من المشاركين غير الحقيقيين أن يجيبوا بنفس الإجابات
(الخاطئة) على التوالي.
برغم
وضوح الإجابة الصحيحة في كثير من الأسئلة وضوحًا شديدًا، إلا أن المشارك الحقيقي
كان يترد جدًا عندما يتّفق جميع من قبله على إجابة واحد خاطئة، ثم يجيب هو بنفس
الإجابة الخاطئة وإن كان على غير اقتناع تام، لماذا؟ ليتجنب شذوذه عن المجموعة وتفاديًا
لشعور غير مريح بعدم التوافقية مع الآخرين.
استمرت التجربة
ولكن بأشكال مختلفة، كأن يضع آش شخصًا يجيب بالإجابات الصحيحة مع المشارك الحقيق،فتزيد
نسبة الإجابات الصحيحة للمشارك مع وجود شخص آخر. كما انخفضت أيضًا نسبة التوافق مع
المجموعة عندما شارك بعض المشاركين الحقيقيين بالكتابة فقط (هبطت النسبة من 37%
إلى 5% فقط!).
يجب
علينا جميعًا أن نسأل أنفسنا ، ماذا لو كنا نعلم أن رأينا صحيحًا ولكنه سيجعلنا على
غير توافق مع المجتمع؟