رأيت رام الله

"أين ثرثرتك الناعمة و أين عُزلتك الرائعة واستغناؤك عن العالم الخارجي ولو لدقائق. أين وهمك الذي فضَحَتْه الجريدة الملقاة على كرسيّ الخزيران الخالي على يسارك. أيّ غفرانٍ صغير تتدرب على منحِهِ اليوم؟ و أيُّ عتاب تتمنى محوَه؟ من يهدد أخطاءك الرائعة بسهَرِهِ لإفساد يقظتِكَ و سهَرِكْ؟ من يُخرِّبُ لك تفاهتَك اللطيفة بمهابة سائقه و مهابة خدَمِهِ و حُرّاسِه السعداء؟ من استورد ملعقة الشاي الصغيرة اللامعة هذه من تايوان؟ أيةُ سفنٍ عملاقة مخَرَت البحار لتحمل لك نكاشة بابور الكاز من ستوكهولم؟ كيف جَمَع باعة الزهور ملايينَهم و بنوا عماراتهم الفخمة من بيعهم لأطنان الباقات التي تحملُها الأمهات و الشقيقاتُ إلى المقابر التي لا تتخلى عن رطوبتها ، رذاذاً أو زهوراً أو دموعاً؟ تساؤلُك عن السبب في أن الصمت ، حتى الصمت على المقابر يكون مبلولاً. السياسة هي عدد فناجين القهوة على المائدة. إنها نسياناتك التي تباغتك بحضورها و ذكرياتك التي تخشى التحديق فيها ، لكنك تحدق فيها رغم ذلك. البُعد عن السياسة أيضاً سياسة. أليس كذلك؟
السياسة لا  شيء ، نعم. السياسة كل شيء ، نعم. أقصد في نفس الوقت."


0 comments:

Post a Comment