مات الجدل

أعلم أن المسألة قد ماتت في الأذهان و سقط الجدل و ماتت أساليب النقاش المقنعة ، و غرضي ليس الإقناع ولا التحايل ولكن مجرد استفسار بسيط جداً:

الكثير و الكثير من محبي الإستقرار و عبيد الديكتاتورية كانوا يطرحون نفس التساؤلات المبتذلة و التي نسمعها يومياً ، ولكن أكثر الأسئلة التي كنت أتمنى الرد عليها رداً يُخرسهم حتى تحمر وجوههم هو: هما أصلاً إيه اللي خلاهم يعتصموا و يوقفوا حال الدنيا؟


منذ قليل فقط ورد في مخيلتي هذا المشهد البسيط:

كلنا نواجه المتسولين و الشحاتين في نفس الأماكن كل يوم و كل أسبوع و يظلوا في نفس المكان لأعوام و أعوام دون أن يكلوا أو يملوا ، فيصبح وجودهم "ديفولت" في المنطقة و لا يعيرهم اهتمام المارة و ينشغل الجميع بالذهاب إلى أعمالهم كل يوم بدون أن تختلف نظرتهم لهذا الشخص أو الجماعة.

في نظري فهؤلاء حالهم شبيه إلى حدٍ كبير بالمعتصمين، فالكل يطلب شيئاً ما، والشحات مهماً كان كاذباً أو مخادعاً أو ما إلى ذلك ، فإنه إلى حدٍ ما فقير، و فقره هذا كان نتيجة لمجتمع سافر لا يبالي بالإهتمام بالفقراء، لذا فيصبح مطلب المعتصم هو نفس مطلب الفقير (على الرغم من أنه واردٌ جداً أن يكون المعتصم "ابن ناس قوي") ، و المطلب هو العدالة و العيش بكرامة.


عامةً ، ليس هذا ما أود قوله؛ إنما أود أن أشير إلى أن الفقير قد أصبح شيء مُسلم به في الشارع و لا أحد يعيره الإهتمام، بينما يُشكِّل المُعتصم أزمة مالية و إقتصادية و سياسية و خراب عجلة إنتاجية للبلاد. كيف؟ كيف و إذا كان المُعتصم هو طالب حق لا يعيره أحد الإهتمام حتى يكاد يكون كالمثل القائل "بنؤذن في مالطة"؟ كيف و قد ظل هذا المُعتصم يبيت في العراء و البرد القارس ليلاً يبحث عن سبيل للحرية من أجل الآخر النائم في العراء أيضاً ولكن دوناً عن إرادته؟

لقد أصبح المُعتصم يُشكّل خطراً للدولة بينما بات الجائع الفقير المتسول شيئاً مسلّم به في المجتمع حتى أصبح وجوده أو عدم وجوده أقل من عدد في إحصائية ليست لها أي فوائد إجتماعية.


الكثير من التساؤلات ، و الإجابة واحدة: مجتمع فاشي...

0 comments:

Post a Comment